تاهت عنى ملامحى
تاهت عنى ملامحى حين تركتُ بلدانى
تاهت بين غربةٍ ووحدةٍ وأوجاعٍ وأحزانِ
تاهت فتُهتُ وتاه بيتى وعنوانى
وتاهت سفينتى وتاهت عنها شُطئانى
تركتُ بلادى ورحلتُ باحثاً عن ذاتٍ وكيانِ
باحثاً عن أحلامٍ وأمجادٍ وجاهٍ وُسلطانِ
باحثاً عن ربيعٍ يأتى بزهورهِ ويملئُ بها بستانى
باحثاً عن نسيمٍ يأتى عبيرُه بلا ترابٍ ودخانِ
تركتُ بلادى ورحلتُ إلى تلك البلدانِ
حالماً برحيلِ أحزانى
حالماً بأن تُبعثُ أحلامى من قبور النسيانِ
حالماً بأن تُرسم لوحاتى بأقلامى وألوانى
حالماً بأن أشدو كلماتى بأنغامى وألحانى
وما عشتُ فيها قليلاً إلا أن وجدتُ غير ما كان فى الحسبانِ
وجدتُ ظلاماً يحاصرُنى وسهاداً بين أجفانى
وجدتُ معاناةً بين فراقٍ لأهلٍ وهجرٍ لأوطانِ
واشتياقاً لأصحابٍ وجيرانٍ وخلاّنِ
فعشتُ فيها كسجينٍ خلف القضبانِ
أحلمُ بالهروبِ وكسر الجدرانِ
أبحثُ عن حياةٍ أرفضُ واقعاً فى تمردٍ وعصيانِ
فما إعتدتُ أن أعيشَ بلا أهلٍ وخلاّنِ
وما إعتدتُ الحياةَ بلا أصحابٍ وجيرانِ
وما إعتدتُ أن أعيشَ كما يعيشون فى تلك البلدانِ
أو أن أكونَ مثلهم تائهاً بلا عنوانِ
أو أن أعمل لأنفق ما أكسبُ فى سكرٍ وخسرانِ
أو أن أُبّدلُ دينى بكفرٍ وبُهتانِ
أو أن أكون مجرداً من الأديانِ
أو أن أكون بلا عاطفةٍ ووجدانِ
فهذا غير ما كان فى بلدانى
فأين أنتِ يابلدانى
اشتقتُ إليكى واشتاقت إليكى أحضانى
فما تركتُكى كُرهاً فعشقى لكى لا يُقدّرُ بأثمانِ
ولكن فيكى من تجاهلنى ونسانى
وفيكى من جعل أحلامى تعيش فى ذلٍ وحرمانِ
وفيكى من كسّر أقلامى ومحى ألوانى
وفيكى من أرغم كلماتى أن تخرجَ فى صمتٍ وكتمانِ
ولكن ألآن كلٌ يهونُ فى سبيلكى يا بلدانى
فأنتِ فى قلبى وأرى وجهكى فى كل مكانِ
وإن كنت قد رحلتُ باحثاً عن ملامحٍ فأنتِ ملامحى
وإن كنت قد رحلتُ باحثاً عن كيانٍ فأنتِ كيانى
........من صفحات قلب..........