بـــســـمـــ اللــــّـــه الـــرحــمــن الــــرحـــيـــمـــ
شـــرح الــحــديــث الــنــووى الأول
شـــرح الــحــديــث الــنــووى الأول
قوله صلى الله عليه وسلم : (( إنما الأعمال )) يحتمل : إنما صحة الأعمال أو تصحيح الأعمال ، أو قبول الأعمال ، أو كمال الأعمال ، وبهذا أخذ الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى ، ويستثنى من الأعمال ما كان قبيل التروك كإزالة النجاسة ، ورد
الغصوب والعواري ، وإيصال الهدية وغير ذلك ، فلا تتوقف صحتها على النية المصححة ، ولكن يتوقف الثواب فيها على نية التقرب ، ومن ذلك ما إذا أطعم دابته ، إن قصد بإطعامها امتثال أمر الله تعالى فإنه يثاب ، وإن قصد بإطعامها حفظ المالية فلا ثواب ، ذكره القرافي ، ويستثنى من ذلك فرس المجاهد ، إذا ربطها في سبيل الله فإنها إذا شربت وهو لا يريد سقيها أثيب على ذلك كما في صحيح البخاري ، وكذلك الزوجة وكذلك إغلاق الباب وإطفاء المصباح عند النوم إذا قصد به امتثال أمر الله أثيب وإن قصد أمراً آخر فلا .
واعلم أن النية لغة : القصد ، يقال نواك الله بخير : أي قصدك به . والنية شرعاً : قصد الشيء مقترناً بفعله ، فإن قصد وتراخى عنه فهو عزم ، وشرعت النية لتمييز العادة من العبادة أو لتمييز رتب العبادة بعضها عن بعض ، مثال الأول : الجلوس في المسجد قد يقصد للاستراحة في العادة ، وقد يقصد للعبادة بنية الاعتكاف ، فالمميز بين العبادة والعادة هو النية ، وكذلك الغسل : يقصد به تنظيف البدن في العادة ، وقد يقصد به العبادة فالمميز هو النية وإلى هذا المعنى أشار النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الرجل يقاتل رياء ويقاتل حمية ويقاتل شجاعة ، أي ذلك في سبيل الله تعالى ؟ فقال : (( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله تعالى )) ومثال الثاني وهو المميز رتب العبادة ، كمن صلى أربع ركعات قد يقصد إيقاعها عن صلاة الظهر ، وقد يقصد إيقاعها عن السنن فالمميز هو النية ، وكذلك العتق قد يقصد به الكفارة وقد يقصد به غيرها كالنذر ونحوه ، فالمميز هو النية .
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (( وإنما لكل امرىء ما نوى )) دليل على أنه لا تجوز النيابة في العبادات ، ولا التوكيل من
نفس النية ، وقد استثني من ذلك تفرقة الزكاة وذبح الأضحية ، فيجوز التوكيل فيهما في النية والذبح ، والتفرقة مع القدرة على النية . وفي الحج : لا يجوز ذلك مع القدرة ودفع الدين ، أما اذا كان على جهة واحدة لم يحتج إلى نية ، وإن كان على جهتين كمن عليه ألفان بأحدهما رهن فإدى ألفاً قال جعلته عن ألف الرهن ، صدق ، فإن لم ينو شئياً حالة الدفع ، ثم نوى بعد ذلك ، وجعله عما شاء وليس لنا نية تتأخر عن العمل وتصح إلا هنا .
قوله صلى الله عليه وسلم (( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه )).
أصل المهاجرة المجافاة والترك ، فاسم الهجرة يقع على رموز :
الأولى : هجرة الصحابة رضي الله عنهم من مكة إلى الحبشة حين آذى المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ففروا منه إلى
النجاشي ، وكانت هذه بعد البعثة بخمس سنين ، قاله البيهقي .
الهجرة الثانية : من مكة إلى المدينة وكانت هذه بعد البعثة بثلاث عشرة سنة ، وكان يجب على كل مسلم بمكة أن يهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وأطلق جماعة أن الهجرة كانت واجبة من مكة إلى المدينة ،وهذا ليس على إطلاقه فإنه لا خصوصية للمدينة ، وإنما الواجب الهجرة إلى رسول الله صلى عليه وسلم قال ابن العربي : قسم العلماء رضي الله عنهم الذهاب في الأرض هرباً وطلباً ، فالأول ينقسم إلى ستة أقسام :
(الأول): الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام وهي باقية إلى يوم القيامة ،و التي انقطعت بالفتح في قوله صلى الله عليه وسلم : (( لا هجرة بعد الفتح )) . هي القصد إلى رسول الله صلى عليه وسلم حيث كان .
(الثاني): الخروج من أرض البدعة ، قال ابن القاسم : سمعت مالكاً يقول : لا يحل لأحد أن يقيم بأرض يُسَبُ فيها السلف.
(الثالث) : الخروج من أرض يغلب عليها الحرام ، فإن طلب الحلال فريضة على كل مسلم .
(الرابع) : الفرار من الأذية في البدن ، وذلك فضل من الله تعالى أرخص فيه ، فإذا خشي على نفسه في مكان فقد أذن الله تعالى له في الخروج عنه ، والفرار بنفسه يخلصها من ذلك المحذور ، وأول من فعل ذلك إبراهيم عليه السلام حيث خاف من قومه فقال :{إٍنًّي مُهَاجِر ُ إِلى رَبًّي } [العنكبوت :26] . وقال تعالى مخبراً عن موسى عليه السلام : {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفَاَ يَتَرَقَّب ُ} [القصص:21].
(الخامس): الخروج خوف المرض في البلاد الوخمة ، إلى الأرض النزهة ، وقد أذن صلى الله عليه وسلم للعرنيين في ذلك حين استوخموا المدينة أن يخرجوا إلى المرج .
(السادس) الخروج خوفاً من الأذية في المال ، فإن حرمة مال المسلم كحرمة دمه
الغصوب والعواري ، وإيصال الهدية وغير ذلك ، فلا تتوقف صحتها على النية المصححة ، ولكن يتوقف الثواب فيها على نية التقرب ، ومن ذلك ما إذا أطعم دابته ، إن قصد بإطعامها امتثال أمر الله تعالى فإنه يثاب ، وإن قصد بإطعامها حفظ المالية فلا ثواب ، ذكره القرافي ، ويستثنى من ذلك فرس المجاهد ، إذا ربطها في سبيل الله فإنها إذا شربت وهو لا يريد سقيها أثيب على ذلك كما في صحيح البخاري ، وكذلك الزوجة وكذلك إغلاق الباب وإطفاء المصباح عند النوم إذا قصد به امتثال أمر الله أثيب وإن قصد أمراً آخر فلا .
واعلم أن النية لغة : القصد ، يقال نواك الله بخير : أي قصدك به . والنية شرعاً : قصد الشيء مقترناً بفعله ، فإن قصد وتراخى عنه فهو عزم ، وشرعت النية لتمييز العادة من العبادة أو لتمييز رتب العبادة بعضها عن بعض ، مثال الأول : الجلوس في المسجد قد يقصد للاستراحة في العادة ، وقد يقصد للعبادة بنية الاعتكاف ، فالمميز بين العبادة والعادة هو النية ، وكذلك الغسل : يقصد به تنظيف البدن في العادة ، وقد يقصد به العبادة فالمميز هو النية وإلى هذا المعنى أشار النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الرجل يقاتل رياء ويقاتل حمية ويقاتل شجاعة ، أي ذلك في سبيل الله تعالى ؟ فقال : (( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله تعالى )) ومثال الثاني وهو المميز رتب العبادة ، كمن صلى أربع ركعات قد يقصد إيقاعها عن صلاة الظهر ، وقد يقصد إيقاعها عن السنن فالمميز هو النية ، وكذلك العتق قد يقصد به الكفارة وقد يقصد به غيرها كالنذر ونحوه ، فالمميز هو النية .
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (( وإنما لكل امرىء ما نوى )) دليل على أنه لا تجوز النيابة في العبادات ، ولا التوكيل من
نفس النية ، وقد استثني من ذلك تفرقة الزكاة وذبح الأضحية ، فيجوز التوكيل فيهما في النية والذبح ، والتفرقة مع القدرة على النية . وفي الحج : لا يجوز ذلك مع القدرة ودفع الدين ، أما اذا كان على جهة واحدة لم يحتج إلى نية ، وإن كان على جهتين كمن عليه ألفان بأحدهما رهن فإدى ألفاً قال جعلته عن ألف الرهن ، صدق ، فإن لم ينو شئياً حالة الدفع ، ثم نوى بعد ذلك ، وجعله عما شاء وليس لنا نية تتأخر عن العمل وتصح إلا هنا .
قوله صلى الله عليه وسلم (( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه )).
أصل المهاجرة المجافاة والترك ، فاسم الهجرة يقع على رموز :
الأولى : هجرة الصحابة رضي الله عنهم من مكة إلى الحبشة حين آذى المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ففروا منه إلى
النجاشي ، وكانت هذه بعد البعثة بخمس سنين ، قاله البيهقي .
الهجرة الثانية : من مكة إلى المدينة وكانت هذه بعد البعثة بثلاث عشرة سنة ، وكان يجب على كل مسلم بمكة أن يهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وأطلق جماعة أن الهجرة كانت واجبة من مكة إلى المدينة ،وهذا ليس على إطلاقه فإنه لا خصوصية للمدينة ، وإنما الواجب الهجرة إلى رسول الله صلى عليه وسلم قال ابن العربي : قسم العلماء رضي الله عنهم الذهاب في الأرض هرباً وطلباً ، فالأول ينقسم إلى ستة أقسام :
(الأول): الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام وهي باقية إلى يوم القيامة ،و التي انقطعت بالفتح في قوله صلى الله عليه وسلم : (( لا هجرة بعد الفتح )) . هي القصد إلى رسول الله صلى عليه وسلم حيث كان .
(الثاني): الخروج من أرض البدعة ، قال ابن القاسم : سمعت مالكاً يقول : لا يحل لأحد أن يقيم بأرض يُسَبُ فيها السلف.
(الثالث) : الخروج من أرض يغلب عليها الحرام ، فإن طلب الحلال فريضة على كل مسلم .
(الرابع) : الفرار من الأذية في البدن ، وذلك فضل من الله تعالى أرخص فيه ، فإذا خشي على نفسه في مكان فقد أذن الله تعالى له في الخروج عنه ، والفرار بنفسه يخلصها من ذلك المحذور ، وأول من فعل ذلك إبراهيم عليه السلام حيث خاف من قومه فقال :{إٍنًّي مُهَاجِر ُ إِلى رَبًّي } [العنكبوت :26] . وقال تعالى مخبراً عن موسى عليه السلام : {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفَاَ يَتَرَقَّب ُ} [القصص:21].
(الخامس): الخروج خوف المرض في البلاد الوخمة ، إلى الأرض النزهة ، وقد أذن صلى الله عليه وسلم للعرنيين في ذلك حين استوخموا المدينة أن يخرجوا إلى المرج .
(السادس) الخروج خوفاً من الأذية في المال ، فإن حرمة مال المسلم كحرمة دمه
عدل سابقا من قبل Meso Mas7 في السبت يوليو 04, 2009 11:58 pm عدل 1 مرات